Judul | التأديب في العصر العباسي الأول |
Penulis | الشيخ سليمان بن أحمد بكر قندو |
Pentahqiq | – |
Sampul | فنى (Hard Cover) |
Kertas | شمواة (Kuning) |
Penerbit | الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة |
Jilid | 1(مجلد) |
Pembahasan | منهج التأديب والمعاملات |
Mukoddimah |
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ باش من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
فإن التربية الإسلامية تمثل المنهج الذي يحقق التطبيق الفعلي للشريعة الإسلامية، ذلك أن الإسلام لا يركز على الجانب العلمي والمعرفي فحسب، بل يهدف إلى التطبيق والممارسة العملية، والعلم وسيلة لتحقيق هذا التطبيق الصحيح، الذي يرسم للإنسان سبيل الهدى والفلاح من لدن آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وفق ما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
والتربية الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، إذ هي ربانية المصدر، عالمية، شاملة، ثابتة الأصول، مرنة التطبيق، تشمل ميادين الحياة الدنيوية والأخروية في توازن واعتدال، وفق منهج رضيه الله تعالى لعباده، واختاره لهم، تلك هي التربية الإسلامية التي تؤصل العقيدة في التفوس، وترسخ الإيمان في القلوب، وتحبب شرع الله إلى عباد الله.
ولقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ورباهم فأحسن تربيتهم حتى نالوا الخيرية في الدنيا والآخرة. وتمثل التابعون –رحمهم الله- منهج الصحابة رضي الله عنهم في التربية والتعليم مستبصرين يهدى الوحيين الكتاب الكريم والسنة النبوية، ومتقدمين بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، فكانوا سلسلة من الخير موصولة بعهد من سبقهم، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ…)).
ومما تجدر الإشارة إليه الإهتمام بهذا النهج التربوي حيث اهتمت التربية الإسلامية بإعداد النشء في مختلف مراحل عمره إعدادا يتوافق مع أهداف التربية الإسلامية من خلال علية التعليم أو التأديب التي يتولاها المعلم أو المؤدب، أو ولي الأمر، أو غيرهم ممن يملك زمام التربية والتعليم.
ولقد حفلت المدونات التاريخية والحضارية بالحديث عن منهج التأديب والمؤدبين، وما لهذا المنهج التربوي الأصيل من دور فاعل في تكوين شخصية الناشئة، ويظهر ذلك جليا في فترة الحكم العباسي الأول من عام (132-232 هجرية) حيث ذكر عدد من مؤرخي العصر جوانب مهمة من العملية التأديبية لأبناء الخلفاء.
ويعد التأديب ظاهرة إيجابية في الحضارة الإسلامية، عبر قرون متوالية، وتكفى الإشارة إلى أن الخلفاء في العصور السالفة وإلى عهد قريب هم نتاج هذا الأسلوب التراثي المقنن، حيث قام على تأديبهم خيرة المؤدبين ومن أشهرهم على الكسائي المتوفى سنة تسعىوثمانين ومئة، ومعاوية بن يسار المتوفى سنة سبعين ومئة، وعلي بن المبارك الأحمر المتوفى أربع وتسعين و مئة…وغيرهم.
كما أن المؤسسات التربوية في العصر العباسي قد بلغت أوج رفعتها، لا سيما وأن التطور العلمي والحضاري كانا من سمات العصر البارزة، كما قام المؤرخون والكتاب والشعراء والرواة والقصاصون وغيرهم بتدوين أخبار الخلفاء وأبنائهم منذ ولادتهم وحتى تسلمهم الخلافة، وهذا التدوين لهذا المنهج التعليمي قد ساهم بشكل واضح وملموس في تحقيق عنصر التكامل والتناسق مع باقي عناصر العملية التربوية الأخرى.
ورغم ما اتسمت به ظاهرة (التأديب) من السمات الإيجابية التي حققت الإرتقاء بالمستوى العلمي والمعرفي لدى المتأدبين من أبناء الخلفاء وعلية القوم، وما أضفته للثقافة الإسلامية من سمو ورفعة إلا أنه قد تخللتها أمور سلبية كتسرب بعض معتقدات المعتزلة والآراء الفلسفية عبر منهج التأديب للتأثير على الخلفاء وأبناءهم والوزراء والقادة، أضف إلى ذلك وقوعهم في بعض الإنحرافات السلوكية التي تقتضى دراسة تربوية نقدية لهذه الظاهرة بغية تجلية محاسن التأديب والمؤدبين بنوع من الشمولية وتعرية بعض مساوئه وآثاره السلبية على الثقافة الإسلامية بشكل عام وفي مجال التربية والتعليم على وجه الخصوص.
كل ذلك وغيره مما حدا بالباحث إلى اختيار موضوع (التأديب في العصر العباسي الأول-دراسة تربوية نقدية-) ليكون موضوعا لدراسته.
والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن يسدد خطانا ويحقق رجاءنا، إنه سميع مجيب، وهو حسبي ونعم الوكيل.
وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
المؤلف
الشيخ سليمان بن أحمد بكر قندو