Judul | عدة الصابرين |
Penulis | ابن قيم الجوزية |
Pentahqiq | أبو أسامة سليم بن عيد الهلالي |
Sampul | فني (Hard Cover) |
Kertas | شمواة (Kuning) |
Penerbit | دار ابن الجوزي |
Jilid | 1(مجلد) |
Pembahasan | العقيدة |
Mukoddimah |
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لاإله إلاّالله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فإن الإيمان نصفان: نصف شكر، ونصف صبر، وذلك أن جميع مل يلقى العبد لا يخلو من نوعين:
الأول: النعم التي أسبغها الله على عبده ظاهرا وباطنا، فهو محتاج إلى ذكرها وشكرها والتحدث بنعمة الله عليه فيها، فلا يركن إليها، ولا ينهمك فيها، ويراعي الحقوق، فيعطى كل ذي حق حقه، فهذا مقام الشكر.
الثاني: المصائب التي تحيق بالعبد، فتأخذ الأحبة، وتهلك الأموال، وتضعف البدن، وتهزم الملذات والشهوات التي زينت للناس، فهو محتاج إلى تلقيها بالرضى، فلا يجزع، ولا يسخط، ولا يشتكى، وينتظر الفرج والعوض من الله، وهذا مقام الصبر.
ولما كان الأمر كذلك (كان حقيقيا على من نصح نفسه، وأحب نجاتها، وآثر سعادتها: أن لا يهمل هذين الأصلين العظيمين، ولا يعدل عن هذين الطريقين القاصدين، وأن يجعل سيره إلى الله بين هذين الطريقين، ليجعله الله يوم لقائه خير الفريقين).
وحتي تتضح الحجة وتستقيم المحجة لطالبي عليين، فلا بد من بيان هذين المقامين العليين، فلا بد من بيان هذين المقامين العليين، والمقصدين الأسميين، فوقفت على كتاب (عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين) لشيخ الإسلام الثاني والإمام الرباني ابن قيم الجوزي، فوجدته قد جمع مفردات هاتين المسألتين جمعا وافيا لم يسبق لمثله، ولم يلحقه من بعده، وألفيتها موسوعة تربوية شاملة في مقامات الدين ودرجات اليقين، وتيقنت من صدق مئلفها في وصفها حيث قال:
فحاء كتابا جامعا حاويا نافيا، فيه من الفوائد ما هو حقيق أن يعض عليه بالنواجذ، وتثنى عليه بالخناصر، ممتها لقارئه، ممتها لقارئه، صريحا للناظر فيه، مسليا للحزين، ومنهضا للمقصرين، ومحرضا للمشمرين. مشتملا على نكات حسان من تفسير القرآن، وعلى أحادث نبوية مغزوة إلى مظانها، وآثار سلفية منسوبة إلى قائلها، ومسائل فقهية حسان مقررة بالدليل، ودقائق سلوكية على سواء السبيل، ولا تخفى معرفة على من فكر وأحضر ذهنه، فإن فيه:
ذكر أقسام الصبر ووجوه الشكر وأنواعه.
وفصل النزاع في التفضيل بين الغنى الشاكر والفقير الصابر.
وذكر حقيقة الدنيا وما مثلها به الله ورسوله والسلف الصالح، والكلام على سير هذه الأمثال ومطابقتها لحقيقة الحال.
وذكر ما يذم من الدنيا ويحمد، وما يقرب منها إلى الله ويبعد، وكيف يشقى بها من يشقى، ويسعد بها من يسعد.
وغير ذلك من الفوائد التي لا تكاد تظهر بها في كتاب سواه، وذلك محض محنة من الله على عبده وعطية من بعض عطاياه، فهو كتاب يصلح للملوك، والأمراء، والأغنياء، والفقراء، والصوفية، والفقهاء، وينهض بالقواعد إلى السير، ويؤنس السائر في الطريق، وينبه السالك على المقصود.
وقد رأيت ذلك عيانا، وليس الخبر كالمعاينة، فإذا هذا الإمام والجهبذ الهمام يخطو بمن خلصت نيته، وصفت سريرته وطويته إلى الإمام، ليكون من أهل التثبيت والإقدام لا التثبيط والإحجام. قد كان في ذلك الفارس المجلى، ونصيبه من السبق القدح المعلى، فكان لا بد أن يشاركنا إخواننا من أهل الإيمان هذا الذوق الشرعي المحلى، فاستخرجت الله في إخراجها من مرقدها لترى النور، ويزداد بها أهل الصبر والشكر حبورا وسرورا، فتعود بين مسلمي عصرنا محاضن التربية الإيمانية الربانية للسير على إثر السلف فننجح كما نجحوا، ونفوز ونفلح كما فازوا وأفلحوا، فإنه لن يصلح هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها، وقد نجا سلفنا الصالح بالزهد واليقين.
والله يقول الحق، ويهدى إلى سواء السبيل.